> مقالات > علِّمني من هذا القول!

علِّمني من هذا القول!

قيل أن العلم سلاح العصر؛ به يستطيع الإنسان أن يترَقّى في سلم الحياة ويحقق أحلامه وآماله..
وأن الجهل هو العدو الأعظم لذلك الإنسان؛ فالجاهل لا يضر نفسه فحسب بل ضرره يمتد لِيَمُس كل من حوله وفي محيطه.

هذا صحيح.. ولكن هل الإنسان يتعلم من أجل العلم؟ هل الإنسان يتعلم فقط من أجل الوصول لغاياته المادية البحتة؟
أليس للعلم مقصد أعمق وأسمى من هذا؟ أليس من المفروض أن يرتقي بإنسانية الإنسان؟ وأن يأخذ بيده ليدرك حقيقة الوجود ومقصد الحياة؟

قيل: يا هذا.. تعلم وخذ شهادة (أي شهادة) فذلك خير لك من لا شهادة!
أليس هذا هو عين الجهل؟

العلم أكبر من أن تحصيه في شهادة، وهو أعظم بتفاصيله ودقته من أن تحكره في ورقة، فمدرسة الحياة تفتح عقول تلاميذها لتخوض بهم تجارب حقيقية فيدركوا أن هناك علم إن فاتهم صنفوا جهلاء وإن زينوا جدار منازلهم بشهادات العلوم أجمع.

بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمشي مع الصدِّيق -رضي الله عنه- في إحدى شعاب مكة، مرَّا بغلام فقير يرعى غنم لسيد من سادات قريش فقالا له:
يا غلام هل من لبن؟ قال: نعم ولكني مؤتمن!
فقال له رسول الله: هل من شاة صغيرة لم تدر لبنا؟
فآتاه بواحدة، فمسح ضرعها وقرأ شيئاً من القرآن، فدر لبناً، فشربوا جميعاً.. ثم وضع يده على الضرع وقال: اقلص بإذن الله.
فقلص!
فقال الغلام: يا عم علمني من هذا القول!
فمسح النبي -صلى الله عليه وسلم- رأسه وقال: يرحمك الله إنك غلام مُعَلَّم.

 

أ. نهى العمري