> مقالات > التنقل بين البيوت

التنقل بين البيوت

أجد نفسي حين نزول في فندق لقضاء بضعة أيام أنني أقضي أول ليلة في قلق.. صعوبة في إيجاد الوضعية المريحة للإضجاع..
صعوبة في الاسترخاء..
صعوبة للخلود إلى النوم..
كأن جسدي يصيح معترضاً.. ويصرخ مطالباً بفراشه الذي إعتاد عليه.. والحجرة التي ألفها..

تخيل.. وهو مجرد فندق.. خمسة نجوم.. فيه ما لذ وطاب..
فما بال من عاش طفولته متنقلاً من دار إلى دار.. ومن فراش إلى فراش!!
أتسائل ماذا ترك ذلك في نفسه وماذا طبع في شخصه؟! (صلى الله عليه وسلم)
بدأتْ دقات قلبه تنبض في بيت أبيه.. ولكن.. لا أثر لذلك الأب.. مات منذ زمَن.. بل هناك أم..
ما لبث حتى أُخذ إلى مراضع البادية.. حيث كانت عادة العرب مع الوليد الجديد..

مكث هناك أول أربعة سنين من عمره..
خطى أول خطواته.. ونطق بأول كلامه.. (صلى الله عليه وسلم)
كانت أيام سعيدة.. ينمو ويكبر تحت ضياء شمس الصحراء..
يتنفس هواءها النقي..
يملئ كيانه بأجواءها الصافية..
وبعدها ألفت العين المكان واستقر القلب لهذه الحياة.. آن أوان الرحيل مجدداً..

وكانت المفاجأة.. إنه رحيل من نوع خاص..
سيلازمه طوال طفولته..
عودة لبيت الأم.. ثم الجد.. ثم العم..

لا يلبث يقول: هاهنا المنزل؟ حتى يشاء القدر برحيله التالي..
إنها مشقة وعدم استقرار.. حزن وفراق..

هل غرزنا جذورنا داخل الأرض التي نسكنها؟
هل علقنا هناء نومنا برائحة الوسادة التي تحت رؤوسنا؟
الأيام تتبدل والأحوال تتغير..
والبطولة كيف نجد مع ذلك التغيير الراحة.. وكيف نتكيف كما تكيف صلى الله عليه وسلم.

 

أ. نهى العمري