> مقالات > دلَّني على السوق!

دلَّني على السوق!

زمان، كانت الحياة اليومية شاقة وصعبة؛ تجهيز أبسط الأمور يتطلب مجهود كبير.. من خبز العجين.. وغلي الماء وطحن الحبوب.. وغسل الثياب.. وإصلاح جدار البيت.. والذهاب للخلاء لقضاء الحاجة.
فما من جزئية من مهام اليوم إلا ولها خيط طويل من الجهد والمشقة.
تجد الكبير يعمل والصغير يعمل، الرجل له دور وولده له دور والأم عليها مهام وابنتها عليها مهام.
منذ شروق الشمس حتى صلاة العشاء، وعجلة اليوم تدور، كلٌ له دور.. ليس هناك من هو عالة على غيره، كلٌ يحمل نفسه ويحمل من حوله.

تطوّر الزمان، ولم تبق آلة أو جهاز استحدث ليسهّل حياة الناس إلا اخْتُرِع!
النتيجة..
أصبح في المجتمع من هو عالة على غيره، يتوقع من غيره أن يخدمه.. أن يحمله.. أن يعتني به.
ما الذي يولد الشعور عند الإنسان أنه يجب أن يعمل ويتحرك.. أن يتحمل مسؤولية؟

وصل المهاجرون إلى المدينة بأعداد كبيرة. تركوا مكة وتركوا فيها بيوتهم وأموالهم وتجارتهم.. ما الحل؟ كيف نعيش؟ أين نسكن؟ ماذا نفعل؟
فكانت خطة المؤاخاة: كل أنصاري جعل له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أخ من المهاجرين يتقاسم معه كل ما يملك، كي يعينه أن يبدأ حياته من جديد!
كرم بليغ وعطاء بلا حدود.. هذا ليس المدهش في القصة، بل ردة فعل المهاجر.
يا عبد الرحمن بن عوف خذ نصف بيتي -صك الملكية-
خذ نصف مالي -الكاش الذي في البنك-
خذ نصف بستاني -شَركتي-
فقال له: بارك الله لك يا أخي في مالك وبيتك وبستانك.. ولكن لا!!
فقط دلني على السوق!

 

أ. نهى العمري