> مقالات > اقطعها وأزل كل أثر لها!

اقطعها وأزل كل أثر لها!

بلغ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في زمان خلافته أن بعضهم يطوفون بالشجرة
التي بايع المسلمين تحتها بيعة الرضوان ويلتمسون البركة منها..
فنادى أحد عماله فوراً وقال له:
اقطعها وأزل كل أثر لها!!

لماذا يا عمر؟ إنها شجرة عظيمة تشهد لحدث عظبم!

كثير من الأدباء والشعراء يتغنون بشعرهم ذكريات غالية لبلد سكنوه أو مسكن نشؤوا فيه..
وبعضهم من عظم الشوق والحنين لذكرى مكان أو زمان أو شخص يشعر بمرارة في جوفه وحزناً في قلبه..
فيصبح القلب متعلقا به متلهفاً للعودة إليه أو رؤياه.. ولا تحلو الحياة ولن تحلو حتى ذلك الحين.

خاف عمر -رضي الله عنه- على إيمان الناس.. وخاف على التوحيد في قلوبهم
فأراد بقطع تلك الشجرة محو فكرة تقديس المكان أو الزمان أو حتى الأشخاص وننسى الحدث نفسه.. وننسى الدرس الحقيقي.

رجب.. شهر يحمل في تاريخه ذكرى يعز على المسلمين..
رحلة الإسزاء والمعراج..
فتجد بعضهم صام بعض أيامه وآخر تصدق وثالث ربما أقام فيه مولداً..
فيمر الشهر عليهم مفعم بالمشاعر والأحاسيس بتلك الذكرى العظيمة..
وطبعاً إذا سألت أحدهم إلى ماذا ترمز تلك الحادثة؟ قال: لا أدري!

لا مشكلة في ذكرى جميلة لحادثة طوتها صفحات الزمن ولا مشكلة للحنين لبيت بنيت فيه كل أحلامك..
وطبعاً لا مشكلة لمشاعر الحب والتقدير والامتنان لمعلم سطر في كيانك معلومة ما..

لكن المصيبة كل المصيبة أن تمتزج تلك الذكريات في شغاف القلب بحيث تصبح هي الأصل فتتوه عن المقصد!

 

أ. نهى العمري