> مقالات > فما قال لي أفٍّ قط!

فما قال لي أفٍّ قط!

باتت العبودية تحوم بظلمتها معظم بقاع الأرض، حتى كاد لم يبقى شبر إلا و أدركته..
هاهي في الصين ترفع شعار: العامة هم مُلْكٌ للخاصة..
وهاهي في الهند تمحي كل معالم حق العبد في الوجود..
أما في دولة الفرس قد وصلت إلى أدنى مستوى من الإنحطاط..
فبات العبد فداء يقام عليه الحد بدلاً من السيد الذي ارتكب الجريمة..

و لم تنجو جزيرة العرب من هذا.. فالعبد يباع و يشترى كأنه قطعة أثاث..
لا حق له أن يرتاح إذا تعب.. و لا أن يشبع إذا جاع.. ولا أن يتداوى إذ وقع في مرضٍ أو سقم..
فحقه كإنسان قد سُلِب منه في كل جزئية من كيانه.

والظاهر أن عبودية القرن الـ ٢١ باتت تقترب من ذلك الماضي المخزي..
فخادم اليوم هو نفسه عبد الماضي..
تجده قد سُلب في كثير من الأحيان أبسط حقوقه..
أن يقول لسيده: أعتذر على التقصير! لقد نسيت فعل هذا أو ذاك!
خادم اليوم.. مخلوق نكرة.. إن كان في مجلس لا يُؤْبه لوجوده بسلام أو طعام.. وإن غاب لم يُذكر إلا بسوء..
خادم اليوم.. محروم من الإحترام.. من الشكر.. من الشفقة..

نَذُم ذلك الماضي . ولم ننتبه أن بجهلنا وغطرستنا قد أحييناه في بيوتنا ومجتماعاتنا..

قال أنس بن مالك -رضي الله عنه: خدمت النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر سنين،
فما قال لي أفٍّ قط!!! وما قال لشيء صنعته لم صنعته؟؟ ولا لشيء تركته لم تركته؟؟

 

أ. نهى العمري