> مقالات > حُبّب إليه الخلاء..

حُبّب إليه الخلاء..

عاش الألم والحزن.. الحرمان والفقر.. الكد والتعب
حتى دخلت خديجة (رضي الله عنها) في حياته فأشرقت الدنيا من جديد..
السنين الطوال التي قضاها محروماً من الأسرة قد مضت وانقضت..
وبات محمد (صلى الله عليه وسلم) في أحضان زوجه وأولاده الدافئ..
القاسم.. زينب.. رقية.. أم كلثوم.. فاطمة.. وعبدالله..
وسارت الأيام..

أخذت تظهر عليه علامات حيرة.. علامات ضيق.. شعور بالإختناق من أجواء مكة..
وتمضي الأيام.. ومُضِيُّها لا يزيد من حاله إلا سواء..
حتى دفعت به إلى البعد عن كل الناس.. عن كل الأصوات.. عن كل شيء..
دفعت به إلى الخلوة.. إلى سكون أعلى الجبل في قلب غار حراء..
وكان ذلك إعداده الأخير لاستقبال الوحي..

هل حياة العصر تغرقنا في ضجيج وزحام جسدي وفكري ونفسي؟
فلا يكاد أحدنا يأخذ شهيق واحد حتى لطمته موجة جديدة من يومه أو ليله..
هل ما يعلوا النفوس من توتر..
وما يملأ الصدور من ضيق ما هو إلا صرخة بأن آن الأوان للفرار لذلك الغار في قلب الجبل؟
للركض لتلك الخلوة المُشبَّعة بالسكون التي بها يصفو الذهن ويستقر النبض وتستعد النفس لاستقبال الهِداية؟

 

أ. نهى العمري