> مقالات > أوَمَا معكِ أحد؟

أوَمَا معكِ أحد؟

المروؤة والشهامة خلق لا يقدر بثمن.. يتزين به عظماء الرجال..
فهو أمر في أصل تعاملهم مع من حولهم..
لا يميزون بذلك عدوٌّ أو صديق.. قريب أم بعيد.. فأصل التعامل مبنيّ على هذا.
فإن رأوا من هو في بأس وفي حاجة ماسة لنجدة..
تجدهم يسرعون مادِّين يد العون دون مقدمات أو مبررات أو مقابل.

هل زحمة الحياة وضغوط المعيشة فقدت بعض رجال زماننا هذا الخلق النبيل؟!

فهو عرف توارثته الأجيال.. سار في عروقهم على مر الزمن..
فهل حصل تشوش لهذا الفهم في عقول المتأخرين
فاختلفوا عن شهامة المتقدميين؟؟

أعتقد لا، أظنها موجودة ولكن عليها غبار مفاهيم خاطئة وأفكار مقلوبة..
فما إن نفضنا ذلك الغبار يقيناً سنجد المروؤة شجرة قد تأصلت في كيان معظمهم.

أصبحت أم سلمة -رضي الله عنها- وحيدة بعدما فرق أهلها بينها وبين زوجها..
وبعدما أخذ أهل زوجها ابنها سلمة.. فهاجر أبو سلمة وبقي سلمة مع أهل أبيه وبقي الحال هكذا قرب السنة.
ولا حيلة لها سوى البكاء والألم.

وفي غداة يوم جميل أشرقت الشمس بنور الفرج.. لقد رد القوم لها سلمة وأذن لها أهلها باللحاق بأبي سلمة..
فارتحلت بعيرها ووضعت ابنها في حجرها وهمت بالانطلاق.. فرآها عثمان بن طلحة -وكان على ملة قريش-
فقال: تنطلقين وحدك؟ أوَمَا معكِ أحد؟
والله ذلك لا يكون أبداً.. فساق بعيرها حتى بلغ بها قباء (حيث أبا سلمة)..
ثم قفل راجعاً إلى مكة.

شهامة لا تقدر بثمن!

 

أ. نهى العمري