> مقالات > قُوموا فموتوا على ما مات عليه

قُوموا فموتوا على ما مات عليه

أُحُد.. السنة الثالثة من الهجرة.. خالف الرماة أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتركوا أماكنهم وانشغل بعضهم بجمع الغنائم..
فانتهز خالد بن الوليد الفرصة والتف حول جيش المسلمين (وكان على ملة قريش أناذاك)، وانقض عليهم كالأسد..
فعلت الأصوات وتناثرت الأشلاء وسقط الشهداء..
وهم ينادون: يا للعزى! يا لهبل!
وفي دهشة.. وجد المسلمون أنفسهم محاطون من كل جانب.. فعمَّت الفوضى وانفضت الصفوف..
أقبلت قريش برجالها وفرسانها تريد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتصدى لحمايته نفر من خيار الصحابة رضوان الله عليهم..
منهم مصعب بن عمير..
فأقبل ابن قمئة وانقض عليه فقتله وسقط شهيداً.. وأخذ يصرخ قائلاً:
لقد قتلت محمداً!! لقد قتلت محمداً!!
لأن مصعب في لباس الحرب كان أشبه الناس برسول لله.

فسمع الصحابة الخبر كالصاعقة.. وكادت روحهم المعنوية تنهار كليًّا..
فئة فرَّت إلى المدينة وأخرى لاذت بالجبل وثالثة قعدت وألقت السلاح..
فأقبل أنس بن النضر -رضي الله عنه- وقال: ما أجلسكم؟
قالوا: قُتِل رسول الله!
فقال: ويحكم! قوموا فموتوا على ما مات عليه!!!
وهوى بجسده وسيفه يخترق صفوف قريش ويقول: إلى أُحُد.. إني والله لأشم رائحة الجنة دونه..
فوجدوه دون أُحُد عليه بضع وثمانين ضربة قد مات شهيدًا على أرضها!

كثرة الأزمات تُثَبِّط المرء وعِظَمُ المصائب تُقْعِدُه من السير وأحياناً أخرى تحيده عن الوجهة..
ولكن على الإنسان أن يدرك أن أجله محدود وعمره محسوب، ولا دخل لهذا بالأزمات و المصائب فعليه أن يحرص أن يموت على ما ماتوا عليه..

 

أ. نهى العمري